Translate

الاثنين، 28 أبريل 2014

الطريقة والقوة الروحية،،،،،،

الطريقة والقوة الروحية
لنطالع شيء من المواقف والأمور الروحية التي تعامل بها رسول الله (صلى الله تعالى عليه وسلم) مع صحابته الكرام والتي كانت البلسم الشافي لعللهم ، والمعين الصافي لإيمانهم ويقينهم ..
روي عن ابن بريده عن أبيه (رضي الله عنه) قال : جاء أعرابي إلى النبي (صلى الله تعالى عليه وسلم) فقال : يا رسول الله .. قد أسلمت فارني شيئا ازدد يقينا .
قال رسول الله (صلى الله تعالى عليه وسلم) : ( فما الذي تريده ؟ ).
قال : ادع تلك الشجرة فلتأتك .
قال رسول الله (صلى الله تعالى عليه وسلم) : ( اذهب فادعها ) .
فأتاها الإعرابي فقال : أجيبي رسول الله (صلى الله تعالى عليه وسلم) .
فمالت على جانب من جوانبها ، فقطعت عروقها ، ثم مالت على الجنب الآخر ، فقطعت عروقها ، حتى أتت النبي (صلى الله تعالى عليه وسلم) فقالت : السلام عليك يا رسول الله .
فقال الإعرابي : حسبي .. حسبي ..
فقال لها النبي (صلى الله تعالى عليه وسلم) : ( ارجعي ) .
فرجعت فجلست على عروقها (1) .
فلنتتبع الجوانب الروحية في هذه الواقعة العظيمة ..
بداية الرجل اسلم ولكنه احتاج إلى برهان ليزداد يقينا ، وهذه مسألة غاية في الأهمية عند اهل الطريقة ، فليس كافيا عندهم ان يكون المرء مسلما بالوراثة ، بل يشترط ان يتحقق يقينه بهذا الإسلام من خلال ما ينبغي ان يلمسه حقيقة من اثر القوة الروحية للإسلام ، ولأن كانت المعجزات المحمدية كفيلة لتحقق المسلم باليقين أو ( الإيمان ألتحقيقي ) كما يصفه الشيخ محمد الكسنـزان (قدس الله تعالى سره) ، فأن كرامات مشايخ الطريقة هي الامتداد الحي لتلك المعجزات ، وهي برهان حي دائم متواصل عليها يمكن تحقيقها في كل آن ومكان شريطة ان تأتي على يد شيخ كامل عارف بالله ، ومن ناحية أخرى فان لهذه الكرامات قدرة فائقة على إعانة المريدين للوصول إلى مراتب اليقين التي يبتغون.
ثم ان الإعرابي طلب من حضرة الرسول الأعظم (صلى الله تعالى عليه وسلم) ان يحرك له الشجرة لكنه (صلى الله تعالى عليه وسلم) أمره بأن يفعل هو ذلك بنفسه ، أي انه أعطاه إجازة بفعل تلك الخارقة ، فذهب الإعرابي وكلمها ، فاستجابت له وتحركت ..
ولو تأملنا ذلك معا لوجدنا ان هذا الإعرابي فيما لو كلم هذه الشجرة من دون إذن من المصطفى (صلى الله تعالى عليه وسلم) < مئات المرات بل الآلاف المراتب هل كانت ستستجيب له ؟
بالتأكيد لا ، فما الذي حصل حين قال له رسول الله (صلى الله تعالى عليه وسلم) : ( اذهب فادعها ) ؟
لقد أعطاه الأذن والقوة الروحية على التأثير بتلك الشجرة ، لقد أعطي ذلك الأعرابي وقتها إذنا بخرق قوانين الطبيعة ، لتحصل معه المعجزة .. وقد فعل رسول الله (صلى الله تعالى عليه وسلم) ذلك ليثبت للرجل ان ما يحصل حقيقة واقعة وليس سحر أو خداع أو ما شابه ، فجعله يفعل ذلك بنفسه .. وهذا بالتحديد ما يفعله مشايخ الطريقة الكسنـزانية حين يأذنون لمريديهم بالقيام ببعض الخوارق التي تجسدها كرامات ضرب البدن بالآلات الجارحة دون ان يتعرض المريد لأي أذى يذكر ..
ان شيوخ الكسنـزان (قدس الله تعالى اسرارهم) انما يبرهنون بهذا على وجود القوة الروحية التي تقف وراء نجاح هذه الفعاليات وحضورها الحقيقي ، وهذا ما يوصل المريد أومن يحضر في المجلس إلى اليقين الذي يسعى الإعرابي إلى بلوغه حين طلب تحريك الشجرة ، وهو اليقين الذي أراد الوصول إليه نبي الله إبراهيم (عليه السلام) من قبل حين قال لربه : (ارني كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (2).
ثم وفي النهاية تحقق المراد ووصل الأعرابي إلى اليقين الذي كان يبتغي حين قال : حسبي .. حسبي..
ان هذه القوة وهذا التأثير جزء لا يتجزأ من الطريقة المحمدية لهداية الناس أجمعين إلى يوم الدين ، ولأن ختمت المعجزات بختم الرسالات ، فأن الكرامات باب مفتوح لتثبيت هذا الجانب إلى يوم الدين.
ـــــــــــــــــ
الهوامـــــــش
( 1 - أخرجه البزاز في المسند – 2409 ، وابو نعيم في دلائل النبوة – ص 138 )
( 2 - البقرة : 260 )
ـــــــــــــــــ
المصدر : كتاب مصطلح الطريقة في الشريعة الإسلامية ـــ سلسلة إصدارات الطريقة العلية القادرية الكسنزانية.
@@@@@@@@@@@@@@@@@

ليست هناك تعليقات: