فقال له الشاذلي: " يا هذا إن الزهد ليس كما تعلم الزهد أن تملك فتعف.. ألا تملك ما في يدك.. يا هذا كم ملكت من جناح البعوضة (البعوضة إشارة إلى الدنيا) حتى تزهد فيه فالدنيا كلها إن ملكتها لا تساوي جناح بعوضة ولو كانت تساوي جناح بعوضة لما سقى الله الكافر منها شربة ماء.. يا هذا إن منظر العبد يدل على غنى سيده وهيئتى هذه تدل على أن ربى غنى كثير الفضل ..."والله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده" أما ثوبك هذا فإنه يتهم الله سيدك بالفقر وكأن من خلقك لا يستطيع كسوتك يا هذا عرفت معنى الزهد فيما لم تملك. ما هو أهم من المظهر أن الصوفية قائمة على ذكر الله تعالى والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وحب آل البيت رضوان الله عليهم الذي هو من أشد (شدة على الدال) الفروض كقول الإمام الشافعي رضي الله عنه: يا آل بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن أنزله" وفي بيت أخر يضيف: "يكفيكم من عظيم الفخر أنكم من لم يصل عليكم لا صلاة له" هذه صوفية الشافعي الذي يرد على من يتهمون الصوفية بالبدعة في بيت ثالث: "لو كان حبى آل أحمد بدعة.. فإني بتلك البدعة العمر مكتف". وقد كرر شيخ الرفاعية سيدي أحمد الرفاعي رضي الله عنه ما قاله الشافعي عندما اتهم بأنه من الفرق الضالة أو فرق الرافضة .
قال الرفاعي: "إذا كان رفضا حب آل محمد فليعلم الثقلان أنى رافضا.. إن حب آل بيت رسول الله يربط المؤمنين بقواعد الدين ولا يخرجهم فأمة لا يربط بينهما الحب لا شك أن ما سيربط بينهما هو الكره أو البغض وستظل متنافرة متناثرة متناحرة متباعدة. إذن الصوفية تقوم على ذكر الله والصلاة على رسوله وحب آل البيت وكل منها فريضة وكلها فروض مكلف بها أي مؤمن حتى وإن لم يسم نفسه صوفيا الصوفية محبة والمحبة اتباع والمحب لمن يحب مطيع.. والاتباع ليس عبادة والمحبة ليست عبادة لكنها الأساس الذي يبني عليه الإيمان لقوله تعالى: "من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه". ولا جدال أن الجهل أو الخطأ في الفهم والتعريف هما سر الصراع والخلاف بين الصوفيين وغيرهم ممن يرفضونهم ويرمون ما يفعلون بالبدعة ....أما تعدد الطرق الصوفية فهو تعدد في وجهات النظر.. تعدد في وسائل التعبير وهو أمر لصالح الصوفية وليس عليها. وبسبب الصورة الشائعة الخاطئة عن الصوفيين والتي نراها في الموالد والمساجد فإن الناس تفاجأ عندما تعرف أن عالما مبتكرا أو سياسيا بارعا أو طبيبا رحيما أوفنانا مبدعا يمكن أن يكون صوفيا إن النسبة الغالبة للصوفيين في مصر من حملة الشهادات العليا أصحاب التميز في مجالاتهم لكن لا أحد ينكر أن هناك مشعوذين ودجالين ومتسولين ينسبون أنفسهم أو ننسبهم إلى الصوفية لكن السؤال: هل هذه هي الصوفية؟. إن وجود صفة ليست حميدة في مسلم ليس أنها صفة في الإسلام فاللصوص والمرتشون والمختلسون قد يكونون مسلمين لكن هل هذا هو الإسلام؟ إن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر أن فى الأمة من يغش..فقد تجول في السوق ووضع يده في طعام معروض للبيع فأصابت يده الشريفة بللا فقال صلى الله عليه وسلم:من غشنا فليس منا لم يقل "من غشنا فليس فينا" ففينا الغشاش ولكنه ساعة أن يغشنا لا يكون منا إن وجود من يفعل الخطأ في طائفة لا يسمح لنا أن نصفها بجريرة واحد منها. إن الصوفية كتاب ضخم.. لم نقرأ منه سوى السطر الأول..ولم نمش إليه إلا الخطوة الأولى..ولم نستنشق منه إلا قطرات الندى في فجر الحب والإيمان والبقية تأتى بأذن الله وبمدد منه.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
المصدر : موقع النور .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق