Translate

الثلاثاء، 3 يونيو 2014

ازهد الناس في العالِم جيرانه:

مَثَلُ مَنْ كان في ظلمات الحجاب قد أحاطت به الشكوك والارتياب ، وهو يطلب من يأخذ بيده ويهديه إلى طريق رشده ، فلما ظهرت أنوار العارفين ، وأحدقت به أسرار المقربين ، حتى أشرقت من نورهم أقطارُ البلاد ، وحَيِيَ بهم جلّ العباد ، أنكرهم وبعد منهم ، فتصامم عن سماع وعظهم ، وتباكَمَ عن تصديقهم ، وعَمِيَ عن شهود خصوصيتهم ، فلا رجوع له عن حظوظه وهواه ، ولا انزجار له عن العكوف على متابعة دنياه ، مثله كمن كان في ظلمات الليل ضالاً عن الطريق ، فاستوقد ناراً لتظهر له الطريق ، فلما اشتعلت وأضاءت ما حوله أذهب الله نورها ، وبقي جمرها وحرّها ، وهذه سنة ماضية : لا ينتفع بالولي إلا مَن كان بعيداً منه . وفي الحديث : « أزْهَدُ النَّاسِ في العَالِم جيرانُه » ، وقد مَثَّلُوا الولي بالنهر الجاري كلما بَعُدَ جَرْيُه عَمَّ الانتفاعُ به ، ومثَّلوه أيضاً بالنخلة لا تُظِلُّ إلا عن بُعْد .

ليست هناك تعليقات: